NevigatorBar

الجمعة، 2 مايو 2014

الأقمار الغريبة الأطوار في النظام الشمسي

أنقر على الصور للتكبير
الأقمار في نظامنا الشمسي تنال القليل من الإحترام، لكن الإكتشافات الأخيرة عن المريخ وزحل تصدرت عناوين الأخبار. مذنبات جديدة غزت الوعي العام. الشهب والنيازك أبهرت النواظير الفضائية، وبلوتو الصغير جذب إليه نادي المعجبين.
عند المقارنة تجد الأقمار مملة. العدد الهائل من هذه التوابع السيّارة الطبيعية الموجودة في النظام الشمسي يجعل دراستها محبطة للمتخصص، حاليا هناك في النظام الشمسي ١٧٣ كوكب في أفلاك دائرية ومئات أخرى من الأجسام الدوّارة الأصغر.

من بعيد تبدو الأقمار عبارة  عن صخور رمادية كثيرة الحفر وجامدة في الزمان والمكان ولا تتحرك. وعندما يدنو منها الفلكيون بواسطة مراصد أكثر تعقيدا ومركبات فضائية غير مأهولة ، فإنهم سرعان ما يكتشفون أنها كيانات متفردة وملونة.
العديد من أقمار المنظومة الشمسية عبارة عن عوالم ديناميكية مدهشة تكتنفها نشاطات جيولوجية مستمرة: براكين تنفث فواهاتها وتجري حممها مصحوبة  بانبعاثات حرارية هائلة ، تشهد هذه الأجسام الفضائية نمو إمتدادات صخرية ومنحدرات جبلية لا يشبها شيء على الأرض. تظهر على بعضها تجاويف تنبأ عن ماضي شرس. إنها علامات لا تدلل على علاقتها بالكواكب الأم التي انفصلت عنها فحسب ، بل بالإرتجاجات التي مرت بها مع غيرها من الأجسام الفضائية التي شوهت اشكالها الدائرية.

قمر من نار وقمر من جليد


المشتري مع أقماره الـ ٦٧ ، والعدد ليس نهائيا، منظومة شمسية مصغرة، مليء بالعوالم المغلقة التي تحتاج الى استكشاف، لكن إثنين من إقماره أثارا خيال المهتمين بعلوم الفلك دون غيرهما وهما: آيو ويوروبا.
آيو أكثر العوالم البركانية في المنظومة الشمسية وهو أكبر بقليل من قمرنا العتيد ويشهد إنبعاثات بركانية يومية بعضها يقذف حمم اللافا الى مسافة ٢٥٠ ميل ( ٤٠٠ كم ) على السطح ، تتكون بحيرات شاسعة وأنهار معتمة من الماكما ( المنصهر البركاني ) بينما هناك فوهة بركانية تسمى لوكي تبعث إشعاعات حرارية تفوق ما تبعثه براكين الأرض مجتمعة.
مئات البراكين تنتشر على سطح آيو، المركبة الفضائية :
الأفق الجديد رصدت حمم ترتفع الى ٢٠٠ ميل عام ٢٠٠٧
لماذا كل هذه الحرارة؟ لقد وقع آيو في صراع عنيف بين العملاق المشتري من جانب  واقماره ، يوروبا وغانيميد من جانب آخر. الفرق الكبير في قوة الجاذبية شد آيو مثل قطعة مطاط . على الأرض نشاهد أمواج المد في المحيطات بفعل جاذبية القمر. على القمر آيو يحدث ابتلاع  للأرض ( إنبعاج ) . هذا السحب الهائل للصخور هوالذي يولد تلك الحرارة الكبيرة التي تعمل على صهر طبقة صخرية قريبة تحت قشرة آيو ، والتي بدورها تؤدي الى تدفقات بركانية وتجعل سطحه مثل الفلفل، حيث يعمل آيو على لف نفسه جانبيا من الداخل الى الخارج.
إن التغيير السريع في تضاريس آيو يشكل تحديا لواضعي الخرائط. في نيسان ١٩٩٧صورت مركبة الفضاء غاليلو البركان بيل الأكثر تميزا على سطح آيو وحلقات ترسبات الكبريت البرتقالية اللامعة المنتشرة حوله في دوائر قطرها ٨٧٠ ميل ( ١٤٠٠ كم ) كقطر. بعد خمسة أشهر في رحلة فضائية تالية وجد على خاصرته جبل جديد بكبر مساحة أريزونا (  مساحة أريزونا تساوي 295254 كم2 ، حوالي ثلثي مساحة العراق - المترجم ).
بعد استكشافات المركبة غاليلو، جرت زيارة عام ٢٠٠٧ للمشتري وأقماره ضمن برنامج بعثة الآفاق الجديد في طريقها الى بلوتو. عند تحليل بيانات بعثة الآفاق الجديدة إكتشف جون سبنسر ومجموعته العاملين في الفريق العلمي المكلف بدراسة المشتري في معهد الأبحاث الجنوب-غربي، هبة إنفجارية أعادت تشكيل سطح آيو حول البركان تفاشتار.

تستطيع المراصد الأرضية كذلك رؤية النشاط البركاني على آيو. عالمة الفلك إيمكي دي باتر من جامعة كاليفورينيا ، بيركلي، التلسكوب كيك ٢ في هاواي لرصد آيو، وقد تمكنت من قياس أكبر عشرة إنبعاثات على الإطلاق شهدتها المنظومة الشمسية. من يعرف ما هي الأنشطة  القادمة في المشتري، حسنا ستخبرنا بذلك مركبة الفضاء جونو عندما تصل إليه عام ٢٠١٦، القمر يوربا ومثل بقية أنسابه في المشتري يشهد تغييرات عديدة ولكنها خالية من النار، يوربا أصغر بقليل من قمرنا، ويكسو سطحه الجليد. في الأعماق لا يبدو يوربا باردا كما يوحي شكله الخارجي، يوربا ليس جسما صلبا منجمدا.
بعض الأقمار الصغيرة تدور في فلك قريب من حلقات زحل، في الصورة :
إيبيميثيوس، جانوس، بروميثيوسوأتلس
أغلب الملامح السطحية على القمر يوربا تكونت في السنوات المئة مليون الأخيرة. مقارن بقمر الزرض الذي لم يتغير شكله منذ بلايين السنين فإن تضاريس يوربا نسبيا تبدو جديدة. السطح الأملس يتعرض لكسور الشد والتوتر ويتفتت بتأثير الشهب والنيازك. هناك مساحات شاسعة تبدو مثل زجاج متكسر تم لحامه بوسطة صمغ شفاف. هذه التضاريس الفوضوية تعزى الى  نافورات الجليد تعود وتترسب على شكل صفائح عملاقة ، تلتوي وتتزحلق ثم تتداعى وتنهار. الشد الجذبي من المشتري الذي يتسبب في حدوث البراكين على القمر آيو يعمل على تسخين باطن القمر يوروبا. الحرارة الجوفية تؤدي الى حدوث التغييرات الفوضوية على السطح وتقود الفلكيين الى تخمين وتوقع وجود مخاضات سائلة تحته وربما يكون القمر المغطى بالجليد يأوي تحت سطحه بعمق ٦٠ ميلا ( ١٠٠ كم ) محيطا من الماء السائل الناتج من ذوبان الجليد بسبب أمواج المد الحراري، وإذا صح هذا التوقع فإن الماد الموجود على القمر الجليدي يوربا يفوق كمية الماء الموجود على الأرض.
جاذبية دافنيس الصغير ( السهم يشير إليه ) كافية
للتشويش على قطع صغير من حلقات زحل لتشكل طيف موجي
أينما يوجد الماء ، خصوصا الماء الذي يحتوي على الأملاح فيمكن أن توجد الحياة . العديد من العلماء يعتبرون يوربا مرشحا أوليا لإستضافة الحياة ضمن مجموعتنا الشمسية، غير أنه هنالك الكثير من الأسئلة حول الموضوع.
في كانون الأول ٢٠١٣، أحدثت مجموعة من العلماء بقيادة لورانز روث في الفريق العلمي لمعهد الجنوب-غرب للأبحاث ضجة عندما صرحوا أن مرص هابل الفضائي عثر على دلائل لوجود تفرعات متشعبة تشبه الريش لبخار الماء تخترق الواجهه الجليدية ليوربا وربما يكون الجليد رقيقا بما فيه الكفاية لإزدهار الحياة في مياه يوروبا.

الأقمار الراعية

بينما تبقى أقمار المشتري غامضة بعض الشيء.، فإن أقمار زحل الـ ٦٢ ترفع الستار عن أسرارها، والشكر في هذا الخصوص للمركبة الفضائية غير المأهولة كاسيني التي تدور حول عالم حلقات زحل منذ عام ٢٠٠٤. كبداية بدأ العلماء يرفعون الغطاء عن الرقص الغريب والشاذ وغير الألوف بين أقمار زحل وتلك الحلقات التي تأخذ الأنفاس بجمالها.
ولكن من أين أتت  هذه القطع التي تشبه الأقمار والمنتظمة في حلقات دائرية ؟، عالمة مشروع كاسيني ليندا سبايلكر ، من مختبر الصواريخ النفاثة تأخذ مصدرين في نظر الإعتبار :" إنها قديمة قدم الكوكب زحل وتكونت معه " كما تقول ، أو " أنا قد تكون أصغر عمرا بكثير وتكونت من تحطم أقمار أو مذنبات.
اللون المزيف لإنسيلادوس الئي يشكل شرائط النمر


بعض التوابع الأصغر تدور أيضا داخل أو بالقرب من الحلقات الخاصة بزحل. الفلكيون يعتقدون أن إثنين من الأقمار الراعية وهما بنادورا وبرميثيوس يلعبان دورا حيويا في الحفاظ على حجم وشكل أحد الحلقات، إنهما يؤديان دور القارب المشدود بالجاذبية  الذي يمنع الحلقة من الطيران في الفضاء  أو الإندماج مع حلقة أخرى، بينما القمرين ، جانوس و إيبيميثيوس الدائرين حول زحل تقريبا في نفس الفلك لا يتصادمان أبدا ويغيران موقعيهما كل أربع سنوات، حيث  يأخذ كل قمر دورة في المسار الداخلي للفك بالتناوب مثل سيارات السباق.
تداخلات الجاذبية لقطع الحلقة الواحدة مع الأقمار تجعلها تلتف على نفسها في تنسيقات معقدة.هناك قمر صغير بسعة ٥ ميل ( ٨ كم ) إسمه دافنيس ، لديه إسم دلع ويقال له " صانع الأمواج "لأنه يترك أثرا مرئيا من الجاذبية في الحلقات يعمل كحامل مصباح في فلكه. تتموج الصخور وكتل الجليد على جانبي خط منظور دافنيس داخل فجوة كيلر عندما تنزلق الحلقات خلفه.

ملامح مرحة

الأقمار الأكبر لزحل غريبة الأطوار ولها خواص عجيبة. ميماس على سبيل المثال مشكوك في أمره حيث يبدو مثل  نجم ميت من مخلفات حرب النجوم. لكن الشبه متطابق بوضوح من خلال المركبة الفضائية السابقة فوييجر ١ التي إلتقطت أول صورة مفصلة لميماس البالغ طوله ٢٥٠ ميل ( ٤٠٠ كم ) عام ١٩٨٠، بينما ظهر له فيلم لأول مرة عام ١٩٧٧.
يبدو ميماس عالما مؤذيا وخطرا عند مشاهدة حفرة عملاقة  تغطي ثلث وجهه. هناك أثر عنيف لضربة صخرية على سطحه جعلته بالكاد يحافظ على لملمة بعضه مع بعض. تسمى الحفرة العملاقة الناتجة من الإصطدام " هيرجل " على شرف مكتشف القمر عام ١٧٨٩ ، وليام هيرجل، ويبلغ طول الحفرة ٨٨ ميل ( ١٤٠ كم  ) وبعمق أكثر من ٦ أميال ( ١٠ كم ) . هذا الإصطدام الغابر جعلت ميماس على شكل بيضة  وتسببت في كسور شد وانضغاط جعلت سطحه يظهر مثل أمواج حوض الماء المترجرج.
في عام ٢٠١٠ ، قامت مركبة الفضاء كاسيني بتحليل سطح ميماس لغرض وضع خارطة حرارة الكون. ووجدت أن حرارته تتوزع بشكل غير منتظم وبطريقة تثير التعجب، حراريا يتجسد ميماس في آيقونة اللعبة الفيديوية باك-مان، ( لعبة قديمة انتجت عام ١٩٨٠ عبارة عن رأس بفم مفتوح  يبتلع ما أمامه - المترجم ) ، وجه ميماس يحتوي على أكثر  النقاط  سخونة وكثير الشبه بخرائب خلفها حدث عملاق.
إنسيلادوس من أكث أقمار زحل ديناميكية بالرغم من أنه لا يشذ كثيرا عن الطابع العام مثل ميماس. بعد رحلة كاسيني الأولى الى زحل فطنت سبايلكر إلى أن هذا التابع الجليدي الذي يبلغ وسعه ٣٠٠ ميل ( ٥٠٠ كم ) قد يكون متميزا، وأوضحت أن بيانات مقياس المغناطيسية أظهرت شيئا ممتعا في قطبه الجنوبي حيث يظهر مجاله المغناطيسي قائما بذاته فوق السطح مثل مذنب وليس كما هو الحال في القمر.
 ميماس يشبه الباك مان      
مثل هذه البيانات المغناطيسية تستوجب وجود جو حول  إنسيلادوس مما أقنع فريق كاسيني لإلقاء نظرة أقرب الى الكوكب. بعد الرحلة الثانية تذكرت سبايلكر أن حرارة إضافية تنبعث من مكان، قد تأكدوا أن لا شيء فيه، وهذا ما أثبتته كاسيني عند مراقبته لإنسيلادوس وهو يعبر من أمام نجم في خلفية المشهد. لوحظ أن ضوء النجم يومض وكأنه يشرق من خلال غمامة مواد تقع فوق سطح القمر إنسيلادوس.
في رحلة لاحقة وجدت كاسيني كسور سطحية في القطب الجنوبي أسماها العلماء " شرائط النمر ". تظهر عادة بلون أزرق مزيف في صور القشرة السطحية التي التقطتها كاسيني ويبلغ طولها ٨٠ ميلا ( ١٣٠ كم ) ، وتبدو أكثر سخونة من الصفائح المحيطة بها. في هذه الشقوق توجد درازن من البراكين الباردة التي تقذف بخار الماء وقطع الجليد  الى الفضاء وتتحول الى أثر ظاهر خلال دورا إنسيلادوس حول زحل لتتكون حلقته الخاصة.
هايبريون الإسفنجي
في عام ٢٠١٣ ، أعد مات هيدمان، أحد علماء مركبة الفضاء كاسيني، يعمل حاليا في جامعة إيداهو، دراسة توصف كيف أن شرائط النمر تنفتح حقيقة وتنغلق بشكل متوقع. عندما يكون إنسيلادوس بالقرب من زحل تنغلق الأخاديد بشكل كبير، وعندما يكون بعيدا عنه تنفتح الأخاديد وتزداد الإنبعاثات بنسبة ثلاثة أضعاف وقد شبهها هيدمان برشاشات انبوب سقي الحديقة المطاطي حيث تنضغط بفعل شد جاذبية زحل وتعود تتمدد وتنفتح عندما يبتعد عنه.
هذا الكشف عن النشاط الجيولوجي لإنسيلادوس عمق فهم الفلكيين فورا بخصوص تكوين حلقات زحل ورفعت الستار عن مكان آخر في المنظومة الشمسية للبحث فيه عن الحياة.
تقول سبايلكر" لا بد أن هذا القمر الصغير قد تصلب بفعل الإنجماد ولكن هاهو غازات ومياه جليدية" وتضيف " نحن نعتقد أن المناطق القابلة للسكن يجب أن تتواجد فقط حول نجم ، ولكن الآن يمكن الحصول عليها حول الكواكي أيضا".

أشكال مجنونة

ميماس وإنسيلادوس ليسا القمرين الغريبين الوحيدين في توابع زحل. القمر إيابيتوس له شخصية مزدوجة  وامتداد جبلي عملاق حول خط الإستواء. هذا القمر الضخم الذي يبلغ قطره حوالي ٩٢٥ ميل ( ١٥٠٠ كم ) ، يكشف عن جانب مظلم وآخر مضيء، إيابيتوس يدور ببطئ شديد، تصل دورته الى ٧٩ يوما، وذلك هو سبب الفرق الكبير بين درجتي حرارة الليل والنهار على جانبيه.
التراكم الحراري يثبت ثنائية الظلام والضوء. الجليد الذي يتحول مباشرة الى غاز على نصف الكرة الساخن سرعان ما يتكثف ويترسب على الجانب الآخر وتعطيه مظهر الصقيع. المواد التي تسقط على الجانب المظلم تقشطه وتصقله بشكل مستمر، تقول سبايلكر"لقد رأينا أدلة كافي من كاسيني تخبرنا أن المواد التي تصقل الجانب المظلم تأتي من مصدر خارجي، أي من خارج القمر. إن مصدر هذه المواد هو قرص من الغبار مطروح بعيدا في الفضاء يسمى قرص فيوبي، تم إكتشافه لأول مرّة بواسطة مرصد سبيتزر الفضائي الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء لوكالة ناسا.
إيابيتوس : قمر زحل ذو الوجهين
ربما يكون الجانب المظلم مغطى بشكل خفيف. المقذوفات الحديثة التي تصطدم وتؤثر على سطح إيابيتوس تؤدي الى إنطلاق  حزم مضيئة من المواد، مما يعتبر دليلا أن الكساء المظلم ربما لا يكون عميقاوأن القمر ذاته ربما يكون أخف وزنا بما يختزن تحته من جليد.
كما ذكرنا آنفا فإن إيابيتوس له سلسلة جبلية متفردةحول خط الإستواءبعضها بارتفاع ٦ أميال ( ١٠ كم  ) وبطول ٨٠٠ ميل ( ١٣٠٠ ) كم ، هذه السلسلة قد تكون بعمر تكوين القمر نفسه، وعندما ينظر إليه مع الجانب البني الداكن المظلمفإن القمر يبدو مثل جوزة هائلة الحجم.
تضاريس معقدة على قمر أورانوس ميرندا
لكن مع كل ما سبق فإن قمرا آخر من أقمار زحل هو الذي فاز بجائزة غرابة الأطوار. حيثما ترسل المركبة كاسيني تقريرا عن التابع هايبريون الذي تبلغ سعته الـ ٢٢٥ ميلا ( ٣٦٠ كم ) في أطول محاوره، فإن العلماء يندهشون أكثر من شذوذ عالمه، هذا التابع الزحلي متشكل كإسفنجة عملاقة تنتشر على سطحه حفر عميقة ومظلمة. التشابهعلى سطح هذا القمر لا يمكن عبوره دون إهتمام بما أن أكثره مجوف وأغلبية حجمه عبارة عن جليد وليس صخرا. كثافة هايبريون قليلة الى الحد الذي تجعله يبدو مثل تراكم متخلخل من الأنقاض. الحفر العملاقة والشكل الخارجي غير المنتظم تدلل - كغيره من التوابع - على ماضي عنيف. هايبريون اليوم يبدو غالبا أنه أكبر بقايا جسم فضائي أكبر بكثير تهشم الى قطع صغيرة. يقال نفس الشيء بالنسبة لميماس.

مظاهر خارجية شاذة

يعود الفضل في كشف أسرار زحل الى رحلات المركبة الفضائية كاسيني المتكررة إلا أن أقمار أورانوس ونيبتون لم تحضى سوى بزيارة واحدة من المركبة فوياجر ٢. تلقى الفلكيون تلميحات من هذه العوالم البعيدة مختزلة وطيّارة لا تغني ولا تسمن من جوع معلومات من خلال نظامين فلكيين عامي ١٩٨٦ و ١٩٨٩ على التوالي، لكن ما شاهدوه من خلال هذه التلميحات زادهم حيرة. أحد أقمار أورانوس التي تبلغ سعته ٢٩٠ ميلا ( ٤٧٠ كم ) ويدعى ميرندا يبدو أن له ماضيا غامضا. كأن تضاريسة قد خضعت لعمل ترقيعي ويحتوي على أشكال عملاقة تشبه علامة رتبة الشرطة القريبة الشبه من الرقم ٧ تعلو على السطح مشكلة أطول المنحدرات الصخرية في المنظومة الشمسية ، مع أعداد لا حصر لها من الأخاديد التي تشبه عضات كائن هائل. فلماذا يبدو القمر ميرندا بهذه الخشونة والنتوءات ؟.



ترايتون: قمر نيبتون ذو الشكل الكروي الشاذ الذ يعتقد العلماد أنه قادم من حزام كيوبر
اساسا فرضية العلماء تتحدث أن تأثيرا قويا مزق ميرندا الى قطع قبل أن تعمل الجاذبية على جمعها من جديد  وربطها مع بعضها البعض بشكل مهلهل، لكن الآن يعتقد العلماء أن ميرندا له مد جذبي مع أورانوس وبقة الأقمار القريبة منه لتهيج أقصى أنشطة جيولوجيةوبدلا من براكين اللافا على القمر آيو ، فإن ميرندا يشهد نافورات من الجليد تنطلق من باطن القمر كالخناجر.
فوياجر ٢ اكتشف أيضا آن أكبر أقمار نبتون المسمى ترايتون عبار عن كرة شاذة، ترايتون أكبر أقمار المجموعة الشمسية التي تدور عول كوكبها بالإتجاه الخطأ. بينما يلف نيبتون بسرعة ١٦ ساعة في اتجاه واحد فإن ترايتون يدور في فلكه قي الإتجاه المعاكس لنيبتون في مدة دون سته أيام بقليل. هذا السلوك الخاص يدفع بالعلماء الى الظن آن ترايتون لم يتكون مع نيبتون بنفس الوقت ، وإنما قام الكوكب الأزرق الضخم بالقبض على القمر قبل بلايين السنين بواسطة جاذبيته.
يعتقد أنه من الأنسب أن يكون تريتون قد جاء من حزام كيوبروهو عبارة عن منطقة تجمع أجسام جليدية خلف فلك نيبتون والذي يتواجد فيه بلوتو. في الواقع يعتقد العلماء أن ترايتون قد يكون التوأم الأقرب الى بلوتو. قطر ترايتون يبلغ ١٧٠٠ ميل ( ٢٧٠٠ كم ) مع أطياف متداخلة منجمدة من النيتروجين وثاني أوكسيد الكاربون والماء في الأعلى. القمر جيولوجيا ليس منجمدا ولكنه على كل حال تدفقات من عيون نترويجينية حارة ويحافظ على جو هش.

أقمار من دون كواكب

الأقمار لا توجد وتدور فقط حول الكواكب، هناك حوالي ١٥٠ من الكويكبات لها اقمار. أو قمر يدور حول كويكب إكتشفه العلماء عام ١٩٩٣. في طريقها الى المشتري ، مرّ ت المركبة الفضائية غاليلو بالشهاب  إيدا الذي يشبه البطاطا وعثرت على  صخرة كروية صغيرة تدور على بعد ٥٥ ميلا ( ٩٠ كم ) حول إيدا، وسمى العلماء هذا القمر الصغير داكتايل.
درازن من النيازك في حزام كيوبر لها أقمار، خارج نطاق هذه الصخور الصغيرة في المجموعة الشمسية فإن بلوتو له خمسة أقمار. إلا أن أكثر الأقمار غرابة في حزام كيوبر هو  الذي يدور حول  هاوميا الذي يشبه كرة القدم تقريبا.
تم اكتشاف هاوميا عام ٢٠٠٤، ويعتبر كوكبا قزما يدور في فلك حول الشمس  وله كتلة كافية تعيه شكلا كرويا. يلف هاوميا كل أربع ساعات وهي اسرع سرعة يسير بها اي شيء آخر بحجمه في النظام الشمسي، وله قمران يسميان هاي-إياكا و ناماكا، يعزي العلماء حجمه الكروي وسرعته الكبيرة وقمريه الى أحد الكوارث الفضائية، لا بد وأن شيذا ما صفعه بقوة في زمن سحيق، حسب قول مايك بروان الذي يعمل في المعهد التكنولوجي في كاليفورنيا وهو أحد مكتشفي هاوميا ، مما تسبب في تكوين القمرين مصحوبين بحقل من الحطام.
المركبة غاليلو أثبتت أن النيازك يمكنها استضافة قمر كما هو حال داكتايل الصغير
الفلكيون يستطيعون حاليا تقفي أثر وأصل  العديد من الأشياء المكتشفة حديثا في حزام كيوبر والتي يفترض أنها تعرض لنفس ظروف هاوميا. هذه الشرائح من الصخور القديمة ربما تكون قد انتشرت في الفضاء نتيجة لإصطدامات متعددة  تحطمت في الأقمار في الفترة المبكرة من عمر النظام الشمسي.


قم برحلة الى الأقمار

بالرغم من أنه لا يمكن إنكار سحر هذه الأقمار إلا أنها لا تحظى بالإحترام المطلوب من قبل ناسا. لم تنجح الوكالة الفضائية الأمريكية الشهيرة من تمويل بعثة لرصد القمر يوروبا بمركبة تدور في فلكه مع أن المبالغ مرصودة في ميزانيتها، وصرفت النظر عن مهمة أخرى الى إنسيلادوس وليست لها أية خطط لأورانوس ونيبتون على الجدول، وإذا كان الأمر هكذا فإنه من الأحرى أن يبقى القمر الأبعد في المنظومة الشمسية في ظلامه.
ولكن إذا كانت الزيارة غير ممكنة بواسطة المركبات الفضائية فإنه بإمكاننا فعل ذلك من خلال تصوراتنا وخيالنا ما دامت الأقمار السيارة في جوارنا الفضائي عبارة عن صخور، يمكننا وضع قياسات لجبال ميماس وحفرة هيرجيل، وليس لنا أن نطوي النظر أبدا عن زحل وحلقاته المبهرة، ولأن ميماس مثلا مربوط بالمد الجذبي مع زحل فإن ثلثي الكوكب العملاق وأكثر حلقاته سوف تبقى بشكل دائمي جالسة فوق الأفق الشرقي.
علينا الوقوف عند دافنيس من أجل المنظر المتداخل لحلقات زحل، وعلينا سبر أغوار كهوف هايبيريون، أو القفز من فوق أحد المنحدرات الصخرية لميرندا، أو مراقبة تكوين حلقة من شرائط النمر لإنسيلادوس أو ركوب مد صخري في آيو.
دع الكواكب جانبا. لا يوجد شيء يشبه أقمار هذه الكواكب في غرائبيتها المطلقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ترجمة وإعداد يَقين . مُدوّنتي من مجلة الفلك عدد حزيران / ٢٠١٤
غلاف مجلة الفلك المذكور أعلاه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق